بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد لقد جاء الفاتحون المسلمون إلى مصر تحت قيادة الصحابي الجليل عمرو بن العاص عن طريق سيناء، ومنذ اللحظة الأولى لقصة الفتح الإسلامي ترددت أسماء أماكن ومواقع على أطراف شبه جزيرة سيناء، أو في داخلها، في سرديات الفتح، فقد كانت رفح والفرما من أوائل الأماكن التي وصلها الفاتحون المسلمون، حيث يسجل التاريخ أنه منذ أكثر منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وأكثر بقليل شهدت سيناء إقامة أول صلاة لعيد الأضحى المبارك علي أرض مصر وذلك حينما دخل عمرو بن العاص.
بجيشه الظافر أرض سيناء المقدسة التي باركها الله تعالى والتي نالت قدسية إستقبال كل الرسالات على أرضها وإن الفتح الإسلامي كان مشجعا لبعض العناصر البدوية في شبه جزيرة العرب للنزوح إلي سيناء والإستقرار بها مما شجع علي إنتشار الإسلام بين سكانها، وقد إعتبرتها بعض هذه العناصر نقطة وثوب إلي شمال أفريقيا فإستقر بعضها بمصر بينما نزح البعض الآخر إلي بلاد المغرب، فكانت سيناء أحد أهم المعابر البشرية خلال القرون الأولي من الفتح الإسلامي وهذه الهجرات التي عبرت سيناء منذ الفتح الإسلامي أخذت تزداد علي سيناء خلال العصرين الأموي والعباسي، ثم أخذت تقل بشكل ملحوظ منذ عصر الطولونيين، نتيجة إنهيار النفوذ العربي خلال العصر العباسي الثاني، وتزايد نفوذ عناصر أخرى كالفرس والأتراك، وخلال فترة الحروب الصليبية.
تعرضت سيناء لمحاولة الغزو من قبل الصليبين، ولقد إرتبطت سيناء بحكايات عديدة في ملحمة الحروب الصليبية نكتفي بمثال واحد يتناول قصة الصليبي المتوحش المدعو أرناط وهي قصة ملؤها الإثارة والعنف، كان هذا الرجل الشيطان واحدا من صغار الأمراء ومن أصول إجتماعية غامضة حار فيها المؤرخون الصليبيون أنفسهم وكان يفتقر إلى أبسط قواعد الخلق بصورة فجة، فلم يكن يحفظ عهدا ولا ذمة، وكان أميرا على الكرك في شرق الأردن مما شكل تهديدا خطيرا على القوافل بين مصر والشام عن طريق سيناء، ولقد إمتاز العصر الأيوبي بالإهتمام الملحوظ بتعمير سيناء نظرا لظروف الحروب الصليبية التي كانت تملي عليهم ضرورة تجديد القلاع والموانئ خوفا من هذا الخطر القريب، فقد قام صلاح الدين الأيوبي بتعمير وإصلاح ميناء الطور.
فعمر المراكب والميناء، وبدأت تصله المراكب المحملة بالبضائع من اليمن، وهجر أصحاب المراكب مينائي عيذاب والقصير، وقد تبع ذلك أن صارت الغلال ترسل إلي الحجاز بصورة دورية ومنتظمة، وشجع ذلك حركة التجارة في البحر الأحمر، وكان صلاح الدين الأيوبي قد تمكن من انتزاع ميناء إيلات من أيدي الصليبين ومن ثم صار البحر الأحمر تحت سيطرته، وتغير مركز سيناء إبتداء من القرن الرابع عشر الميلادي، فقد رأيناها منذ الفتح الإسلامي مجرد قنطرة تعبرها القبائل المختلفة من بلاد الحجاز والشام في طريقها إلي وادي النيل، لكنها منذ ذلك التاريخ صارت منطقة تلجأ إليها القبائل.
إضافة تعليق جديد