رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 6:31 م توقيت القاهرة

أعراض وأشكال الفتور

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله فتح باب التوبة للمذنبين، ووعد بحسن العاقبة للصادقين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن من أكبر المصائب الذي يصاب بها المسلم هو الفتور، وإن من مظاهر الفتور، وإن سؤالا تتحدث به قلوبنا وإن لم تنطق به ألسنتنا وهو كيف أعرف أنني مصاب بداء الفتور، ما أعراضه وأشكاله التي يظهر بها في عبادتي وفي حياتي ؟ أخي الكريم إن ثمة مظاهر كثيرة لهذا الداء، تشير لك بثلمة في إيمانك تحتاج إلى ترميم، واهتزاز في علاقتك بربك تحتاج إلى تثبيت، أذكر لك طرفا منها، فارع سمعك لذكرها، ولنتحسس وجودها أو عدمها في نفوسنا.

فالمظهر الأول وهو قسوة القلب، ذلك السياج المانع للقلب من الخشوع لله تعالى، الحابس لدمع العين من خشيته، الحائل دون قشعريرة الجلد وليونته ذلا لله تعالى، فلا يعرف القلب بعد هذا معروفا، ولا ينكر منكرا، قد جفت ينابيع الحب فيه، وأقفرت رياض الرحمة لديه، وإصفرت خضرة المشاعر في فؤاده " فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين " وتستمر القسوة بالقلب حتى تصل إلى درجة تتضاءل أمامها صلابة الأحجار والصخور، وشتان بين من كان هذا حال قلوبهم، وبين من تنتفض أجسادهم كالعصافير المبللة بالمطر رهبة من الله تعالى ، حتى خلد الله ذكرهم في كتابه العزيز، ولا ريب أن ذكر الموت والإستعداد للآخرة وتمني حسن الخاتمة علاج لكل من قسا قلبه بالمعصية، ويقول الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم. 

" كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة " وأما عن المظهر الثاني التهاون في فعل الطاعات، ما كان منها فرضا، أو نفلا، يسيرا كالأذكار، أو غير ذلك كالحج والصلاة والصيام، فإذا رأى الإنسان نفسه متثاقلا في أداء العبادات، متكاسلا في النهوض إليها، كارها لأدائها يشعر كأنها أمثال الجبال على كاهله، فليعلم أن داء الفتور قد دب في أوصاله وسرى في دمه، ويقول تعالى ذاما هذا الصنف من المصابين بهزال الإيمان وضعفه " وإذا قاموا إلي الصلاة قاموا كسالي يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا " والمظهر الثالث وهو بغض الصالحين الممتثلين للسنة، الحريصين على إقامة شعائر الدين في أنفسهم وأهليهم، ووسطهم، فإذا ما رأيت العبد يجتنب مجالس الخير، ويأنس بأحاديث اللغو والتفاهة. 

فاعلم أنه يعيش صراعا مع نفسه، فإنها تنازعه الثبات على الحق وتدعوه إلى الإهمال فيه والفتور في القيام به، ويقول الفاروق  رضي الله عنه  "جالسوا التوابين فإنهم أرق شيء أفئدة " ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه  "لا تزالون بخير ما أحببتم خياركم " والمظهر الرابع هو موت المشاعر الدينية وعدم الغضب من أجل الله تعالى، فإن المرء يمر في يومه وليلته بفتن كثيرة، وإمتحانات متتالية على رأسها هذه المنكرات التي تموج بالناس حتى تكاد تغرقهم وما تواجه به تعاليم الإسلام من السخرية والإستهزاء، وما تتعرض له بعض شعوب المسلمين من حروب الإبادة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وما يشاهده المسلم اليوم من سقوط أكثر المسلمين في شباك الغرب والشرق، فعزاؤنا كل العزاء في كل من لا يشعر بهذا البلاء، ولا يحاول المشاركة في دفعه أو رفعه، ولو كان بلسانه أو بقلبه، حتى غدا قلبه كأي قطعة لحم ميتة، لا نبض فيها ولا حراك.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
6 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.