بقلم الأديب المصرى
د. طارق رضوان جمعة
فى الأدب نجد خير علاج لكل ضجيج. صدق الشاعر أحمد شوقي حين وصف الوضع الحالى:
"برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا... فمشى في الأرض يهذي ويسب الماكرينا ... ويقول الحمـد لله إله العالمينـا... ياعباد الله توبوا فهو كهف التائبينا.... وازهدوا في الطـير إن العيش عيش الزاهدينا"
الكثير منا ينتابه القلق ويسأل هل يستطيع ترامب ضم غرينلاند وكندا وقناة بنما؟ هل يقدر على تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة؟
الإجابة الواضحة: لا. لكن هل هذا يعني أن مجرد الحديث عن هذه الأفكار بلا تأثير؟ أيضًا لا. ما يفعله ترامب ونتنياهو ليس مجرد هراء سياسي، بل هو تلاعب استراتيجي محسوب يعتمد على خلق واقع وهمي بحيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو وكأنها سيناريوهات مطروحة.
هذه ليست سياسة مرتجلة، بل أسلوب مدروس مستوحى من نظريات سياسية وإعلامية تستهدف إعادة تشكيل الوعي العام ودفع الخصوم إلى مواقع دفاعية بدلًا من إبقائهم في موقع الهجوم.
تعالوا نفهم خططهم: ️
أولًا نظرية الدخان والمرايا Smoke and Mirrors: هدفها تحويل الوهم إلى حقيقة إعلامية. هذه الاستراتيجية تقوم على خلق ضجة إعلامية ضخمة حول شيء غير حقيقي، بهدف تشتيت الانتباه أو تحقيق أهداف غير معلنة.
تحويل قضية فشل إسرائيل عسكريًا في غزة إلى نقاش حول (أين سيذهب الفلسطينيون؟) وكأن رحيلهم أمر محتوم والخلاف بس على الوجهة! جعل الدول المستهدفة (مصر، الأردن، دول الخليج) تبدو وكأنها في موقف المفاوض على صفقة ما بدلًا من كونها ترفض الفكرة من أساسها. والنتيجة أن الجمهور يبدأ في التعامل مع التهجير كفكرة (مطروحة) بينما هي جريمة حرب مستحيلة التنفيذ. الأطراف العربية والدولية تُجبر على إصدار تصريحات نفي وتوضيح، مما يجعلها في موقف دفاعي، ويمنح القصة مصداقية زائفة.
النقاش يتحول من (هل يجب وقف العدوان الإسرائيلي؟) إلى (ما البدائل المطروحة أمام الفلسطينيين؟) وهو بالضبط الهدف الحقيقي من هذا التضليل..
تانيًا نظرية إغراق الساحة Flood the Zone: هدفها السيطرة عبر الفوضى. الاستراتيجية تعتمد على إغراق الإعلام والرأي العام بوابل من التصريحات والقرارات، بغض النظر عن واقعيتها، بهدف السيطرة على السردية السياسية.
كيف يستخدمها ترامب ونتنياهو؟ ترامب يصدر تصريحات متكررة عن (خطط كبرى) كالتهجير، بناء الجدران، فرض عقوبات، حظر دول، رغم أنه يعلم أنها غير قابلة للتطبيق.
الهدف: إرباك الإعلام والمعارضين، بحيث يصبح من المستحيل الرد على كل تصريحاته أو كشف تناقضاته.
نتنياهو، المحاصر سياسيًا بسبب فشل الحرب، يعتمد على إطلاق تهديدات ضخمة ومتكررة، ليس لأنه قادر على تنفيذها، بل لإبقاء الجميع في حالة (رد فعل) بدلًا من التركيز على جرائمه وإخفاقاته.
النتيجة أن الإعلام والجمهور يجدان نفسيهما مضطرين لملاحقة التصريحات الجديدة، بدلًا من التركيز على الحقيقة الأساسية: إسرائيل فشلت عسكريًا، وترامب يناور إعلاميًا.
كلما زاد الضجيج، كلما أصبح من الأسهل تمرير القرارات الخطيرة وسط الفوضى.
تالتًا: نظرية السردية بالقوة Manufacturing Consent: هدفها؟ التكرار يصنع القبول
هذه الاستراتيجية تقوم على إعادة طرح الأفكار بشكل متكرر حتى تصبح مألوفة، وبالتالي أقل صدمة، وأكثر قبولًا بشكل غير مباشر.
كيف يحدث هذا؟
قبل أشهر الحديث عن تهجير الفلسطينيين بهذا الزخم لكن الآن، بسبب تكرار التصريحات، أصبحت الأمر يناقش في وسائل الإعلام كأنه خيار ضمن عدة خيارات.
الأمر لا يتعلق فقط بالتكرار، بل بإغراق الساحة بنفس الفكرة من زوايا متعددة: تصريحات أمريكية، تهديدات إسرائيلية، تسريبات إعلامية، تحليلات استراتيجية، حتى يبدو وكأنه واقع لا مفر منه.
•هذه الطريقة استُخدمت سابقًا في الحرب على العراق.. حيث تحول أسلحة الدمار الشامل من كذبة إلى ذريعة للحرب، بسبب التكرار المكثف.
النتيجة أن يصبح (التهجير) فكرة مطروحة على الطاولة، حتى لو كان الرفض العربي والدولي لها قويًا.
يتحول النقاش من هل هذا ممكن؟ إلى السرال عن ما هى الطريقة الأفضل لتنفيذه؟.. وهو بالضبط ما يسعى إليه ترامب ونتنياهو
الخلاصة: ما يحدث خطير جدًا، لكنه ليس سببًا للذعر، بل سبب لموقف صارم وحازم يرفض حتى التعامل مع هذه الأفكار كنقاش مشروع.
الخطر الأكبر ليس في قدرة ترامب ونتنياهو على تنفيذ مخططاتهم، بل في قدرتهم على جعل الناس يتعاملون معها كأمر ممكن.
المطلوب ليس فقط رفض الفكرة، بل رفض حتى الحديث عنها كخيار سياسي. عدم الوقوع في فخاخ التصريحات المتضاربة والمناورات الإعلامية، والتركيز على الحقيقة الأساسية: كل هذا مجرد خدعة لحرف الأنظار عن فشل الاحتلال وخلق ضغوط سياسية زائفة.
تذكروا ان التهديدات ليست خططًا، بل أوراق ضغط. ما يريده ترامب ونتنياهو هو تحويل المستحيل إلى احتمالات وهذا ما يجب محاربته بكشف التلاعب الإعلامي.
لقد أوضحت حكومة جنوب أفريقيا بشكل قاطع لترامب أن أمريكا ليست شيئًا بدون المعادن الأفريقية، وإذا كان يعتقد أن الأفارقة ليسوا أكثر من مجرد متسولين، فعليه البحث عن المعادن في مكان آخر، لأن أفريقيا قد سئمت من عدم الاحترام والازدراء الذي تتلقاه من العالم الغربي.
كما خافت الدول الغربيه وحلفاء اميركا وإسرائيل من موجة عنف سوف تجتاح العالم كله تضرب شرقا وغربا وجنوبا وشمالا كل مصالح امريكا وكل حلفائها
سارعت بريطانيا بالتنصل من ترامب نفسه وأكدت على منع تهجير الفلسطينيين وعلى ان غزه جزء لايتجزأ من الدوله الفلسطينيه ووجوب حل الدولتين
وسارعت وزيرة خارجية المانيا للتصريح على الهواء مباشرة برفض المانيا لفكرة ترامب احتلال غزه ورفضها تهجير الفلسطينيين لاى مكان خارج اراضيهم وهاجمت ترامب بأنه يثير موجة كراهيه عارمه اتجاه الجميع
وكانت تصريحات وردود فرنسا اشد عنفا ووصفت تصريحات ترامب بالغير مسئوله مشدده على عدم تهجير الفلسطينيين وان غزه ارض فلسطينيه يحكمها الفلسطينيين وهى جزء من دولتهم
وكانت تصريحات رئيس وزراء اسبانيا اكثر ثقلا وعمليه باستنكاره تصريحات ترامب وتأكيده ان اسبانيا اعترفت بالدوله الفلسطينيه وغزه جزءا منها وانها مع الفلسطينيين فى معركتهم ضد اى ظلم يتعرضون له
وخرج رئيس البرازيل فى حديث مطول يتهكم على تصرفات ترامب كلها ومهاجمة طوال الوقت لكل العالم وحديثه الغير منطقى والغير قابل للتنفيذ عن احتلال غزه او طرد الفلسطينيين منها
وتحدثت ايطاليا عن شريعة الغاب وانتهاء القانون الدولى بتصريحات ترامب الغير مسئوله
واستغلت الدنمارك وكندا وبنما سقطة ترامب لتخرج تصاريح ناريه عن ترامب وحديثه عن احتلال قناة بنما واحتلال جزيرة جرين لاند الدنماركيه وجعل دولة كندا الشاسعه ولايه امريكيه ليحذروا من جنون ترامب وعدم استيعابه لحقيقة الامور
ولم تفوت روسيا والصين الفرصه ليهاجموا اميركا/ترامب ويلمحون انها سبب الظلم فى العالم وهذا الظلم يجب ان ينتهى
ورصدت تصريحات ضد ترامب وحديثه امس من ١١٦ دوله حول العالم (( مايؤكد بأن ترامب يهرول لاسقاط اميركا وعزلها عن العالم وهذا مايحدث بشكل سريع جدا ))
والسعوديه تقود حملة غضب واسعه ضد ترامب : كانت السعوديه هى اول دوله تصدر بيان رسمى من وزارة خارجيتها بعد انتهاء مؤتمر ترامب ب ٣٦ دقيقه
وهذا يعنى بلغة الدبلوماسيه (( الرد كان جاهز ))
اذا السعوديه لاحظت ان ترامب لايمر يوم واحد الا ويتحدث عن السعوديه وولى عهدها ودائما يتندر بالتريليون دولار الذى ستأخذها اميركا من السعوديه
بل تعدى ترامب ذلك بكثير واصبح كل حديثه ان الدول الغنيه بالمنطقه ستفعل وستنفذ وستبنى وستصرف وغيرها من رسائل الابتزاز المهينه للغايه
ومن الطبيعى ان تأخذ القياده السياسيه السعوديه حذرها مع موجة التهكم اللاذعه التى اجتاحت العالم كله عن حديث ترامب المتتالى عن السعوديه بهذه الكيفيه وكم الغضب الطبيعى المتصاعد من الشعب السعودى المحبط من كم ماسيتم دفعه لترامب المجنون
كذلك كم الكراهيه والغضب الشديد عربيا من شعوب الدول العربيه والاسلاميه عندما يرون هذا المبلغ الهائل يؤول لاميركا مع امتناع السعوديه حتى عن تقديم مساعدات جيده لشعب غزه او الدول الفقيره
وذكرت بدقه ان نهاية الطريق مع ترامب سقوط السعوديه لا قدر الله ودمارها لا قدر الله لانه لن يكتفى مهما قدمت السعوديه ودائما سيطلب المزيد
ًبالتالى كان من المنطقى ان تقفز السعوديه من السفينه المثقوبه قبل ان تغرق بها وبالجميع وليس افضل من سفينة نوح المصريه للتشبث بها فهى الوحيده الطافيه وسط امواج الطوفان الهادره.
وقدم ترامب تبرير يثير الغضب اكثر من أمس : فيقول كان مجرد مقترح ان نأخذ غزه ونقيم على ساحلها منتجعات على ساحل المتوسط لتصبح مدينه جميله يأتى لها الزوار من كل انحاء العالم للاستمتاع. امام الغضب الهائل يتراجع ترامب. لا رحم الله من يضحي ببلده ووطنه لأجل حفنة مال أو جاه أو منصب.
"اطلـبوا الديك يؤذن لصلاة الصبــح فينا ... فأتى الديك رســول من إمام الناسكينا... عرض الأمـر عليه وهو يرجو أن يلينا ... فأجــــــــــاب الديك عذرا يا أضل المهتدينا... بلـغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا
أنهم قالــــــــــــــوا وخير القول قول العارفينا ... مخطئ من ظن يــوما أن للثعلب دينا."
إضافة تعليق جديد